التسميات

الاثنين، 17 يونيو 2013

مرض تصلب الشرايين



تصلب الشرايين

بقلم الدكتور فتحي أبو القاسم الغماري

   من الأمراض الشائعة في هذا العصر مرض تصلب الشرايين.. وهو يعني أن شرايين الإنسان التي كانت مرنة لم تعد مرنة كما كانت بعد أن ترسبت فيها مواد أدت إلى تصلبها بتليف جدارها. وهذا ينعكس بالتالي سلبيا على عمل هذه الشرايين فلا تستطيع تأدية مهمتها التي خلقها الله لتؤديها .. وتكون النتيجة خلل وظيفي في الأعضاء التي تغذيها هذه الشرايين. وحتى يتم فهم هذا الموضوع  يتوجب إلقاء الضوء على بعض التغيرات التي تحدث في الجسم وتؤدي إلى هذا التصلب.. ثم نتحدث بعدها عن الآثار السلبية لهذا المرض وما يجب عمله لتفاديه.

   عندما يرتفع تركيز الدهون ومادة الكوليسترول في الدم..وبالذات ما يسمى الكوليسترول الخبيث.. تبدأ هذه المواد في الترسب في جدار الأوعية الدموية. ويساعد على هذا الترسيب ارتفاع ضغط الدم الشرياني وتدخين التبغ الذي يساهم بالإضرار بالغشاء المبطن للأوعية الدموية. عندما تتركز بلورات الكوليسترول تحت الغشاء المذكور يبدأ الجسم في مقاومتها بعملية التهابية في محاولة للقضاء عليها .. حيث لا ينبغي لتلك المواد التواجد في مكان ليس لها أن تكون فيه. وتكون النتيجة النهائية لهذه العملية زيادة النسيج الليفي حول بلورات الكوليسترول .. وهذا هو التصلب. تترسب بعد ذلك مواد جيرية مما يزيد في شدة التصلب الذي يفقد الأوعية الدموية مرونتها نهائيا. ونتيجة لهذا التصلب يحدث أيضا ضرر بخلايا الغشاء المبطن للجدار( الذي يمكن أن يكون قد تضرر فعلا بسبب التدخين)
فيفقد الجدار قدرته على منع تكون الجلطة الدموية  التي يمكن الآن أن تتكون على سطحه. وبسبب التصلب والجلطة تضيق قناة الوعاء الدموي ( الشريان ) ولا يمكن للدم المرور فيه بسهولة مما يؤدي إلى نقص كمية الدم المحمولة إلى العضو الذي يغذيه ذلك الشريان. وقد تغلق الجلطة هذا الاختناق كلياً مما يؤدي إلى حدوث مضاعفات خطيرة مثل السكتة الدماغية ( في حالة الشرايين السباتية المغذية للدماغ ) أو الذبحة الصدرية أو السكتة القلبية ( في حالة الشرايين التاجية ) أو الغارغارينا ( في حالة تصلب شرايين الأطراف ).

أعراض تصلب الشرايين تختلف من شخص إلى آخر باختلاف الأعضاء المصابة وشدة إصابتها وانتشارها.

تصلب شرايين القلب ( الشرايين التاجية ):

وهو السائد.. ويظهر في شكل اختناق شديد في الصدر مع آلام يمكن أن تكون بسيطة أو شديدة . وقد تظهر عند بذل المجهودات العضلية أو في حالة الراحة. وهذه الآلام ليس لها مكان ثابت.. فقد يشكو المريض من آلام بالجهة اليسرى من الصدر أمام القلب مباشرة أو فوقه قليلا .. كما أنه قد ينتشر إلى الرقبة أو الذراع الأيسر أو ناحية البطن لتكون شبيهة بأعراض أعضاء البطن الداخلية مثل التهابات الحوصلة المرارية أو الزائدة الدودية أو التهابات المعدة والإثنى عشر. وفي الحالات الحرجة مثل حالات الجلطة القلبية يكون الألم شديداً مع تصبب العرق والشعور بالغثيان والدوخة وقد تصل الحالة إلى فقدان الوعي. كما أنه يمكن ظهور أعراض فشل عمل عضلة القلب ومنها ضيق التنفس والدهشة وخفقان القلب. كما أن هناك إمكانية توقف القلب عن العمل نهائيا عند حدوث انسداد في أحد الشرايين التاجية الرئيسية وانقطاع الدم عن قسم كبير من عضلة القلب.

تصلب شرايين الأطراف:

وهي منتشرة أيضا بكثرة وبالذات لدى المدخنين. وتكون الأعراض في البداية آلام بالرجل المصابة تظهر بعد المشي لمسافة معينة. وكلما زادت شدة التصلب وضيق الشرايين كلما قلت المسافة التي يقطعها المريض قبل بدء الآلام.. إلى أن يشكو المريض من الألم حتى عند الراحة مع برودة الأطراف وربما ظهور زرقة بها، وهذه تكون في العادة بداية ظهور الغارغارينا التي تعني موت الأطراف وتحولها إلى اللون الأسود مع ظهور تقرحات. وإذا ما أصابتها عدوى بكتيرية أو فطرية فإنها تبدأ في إنتاج صديد كريه الرائحة.





تصلب شرايين المخ:

عند إصابة الشرايين التي تغذي المخ يبدأ تناقص كمية الدم التي تصل إلى المخ وبالتالي نقص الأكسجين المحمول إليه. وتكون الأعراض شديدة أو بسيطة حسب نقص الأكسجين ومساحة المنطقة من المخ المفتقرة إليه.وتكون الأعراض في صورة دوار أو ضعف الذاكرة أو فقدانها أو ظهور أعراض عصبية أخرى مثل الشلل المؤقت أو فقدان البصر أو السمع أو حاسة الشم  الخ.وإذا ما تم انغلاق أحد شرايين المخ بسبب جلطة مصدرها القلب أو الشريان السباتي فهذا يؤدي إلى الشلل التام مع احتمال فقدان القدرة على الكلام وفقدان الوعي عند بعض الأشخاص. هؤلاء الأشخاص يمكن أن تتحسن حالتهم تدريجيا، ولكن يمكن أن تحدث لديهم الوفاة الفورية.




ماذا يجب على المريض عمله عند ظهور أحد تلك الأعراض؟

أولا يجب إيقاف التدخين في الحال وتلقائيا قبل الذهاب إلى الطبيب.. وهذا عامل نفسي مهم يساعد المريض في الإقلاع عنه دون إلحاح من أحد. وتجب زيارة الطبيب فورا والذي يقوم بالكشف على المريض وإجراء الفحوص التي تبين سبب الأعراض ومدى شدة الإصابةً. ومن التحاليل المطلوبة الأملاح والسكر والدهون والكولسترول في الدم وأشعة الصدر وتخطيط القلب الكهربائي ثم فحص  القلب بواسطة الإيكو ( الصدى أو الموجات الصوتية عالية التردد ) أو الشرايين بواسطة الدوبلر ( موجات صوتية عالية التردد ) أو الرنين المغناطيسي أو بالتصوير باستعمال الصبغة. وقد يحتاج المريض لقسطرة شرايين القلب أو الشرايين السباتية. وقد ينصح المريض بالخضوع لعمليات جراحية تختلف حسب نوع الإصابة والعضو المصاب.
نجاح ما يقوم به الطبيب من إجراءات علاجية يتوقف على مدى استعداد المريض لإتباع التعليمات الخاصة بالعلاج والإرشادات الخاصة بالتغذية ونمط الحياة وترك كل ما هو ممنوع.

كيف يمكن مقاومة هذا التصلب ؟

لمعرفة طرق مقاومته يجب أولاً معرفة الأسباب التي تؤدي إليه، وقد ذكرناها آنفاً ولكن لنلقي عليها الضوء بتفصيل أكثر:

أهم العوامل الخطيرة وكما تبين من جميع الدراسات الحديثة تدخين التبغ والذي يؤدي إلى ظهور العشرات من الأمراض القاتلة في الإنسان.. أحدها تصلب الشرايين.

العامل الثاني في الأهمية يأتي ارتفاع تركيز الكوليسترول والدهنيات في الدم.

العامل الثالث ارتفاع ضغط الدم الشرياني.

العامل الرابع وجود الاستعداد الوراثي .. أي أنه يزيد احتمال حدوث التصلب لدى الأشخاص الذين لديهم أقارب من الدرجة الأولى مصابين به.

العامل الخامس مرض السكري والذي يؤدي إلى إصابة الشرايين التاجية وشرايين الأطراف والشبكية والكلى.  

عوامل أخرى منها النقرس والسمنة وبالذات السمنة المتركزة في منطقة البطن والخصر.

من كل ذلك نستنتج طرق الوقاية من هذا المرض والتي نلخصها في الآتي:

1 ــ الاعتدال في تناول الأطعمة وعدم السماح لوزن الجسم بالزيادة عن المعدل الطبيعي لكل سن بحيث يكون وزن الجسم بالكيلوجرام = الطول بالسنتيمتر ــ  100. فإذا طول الإنسان 175 سم مثلا فإن الوزن يجب أن لا يتعدى 175 ــ  100 أي  75 كيلوجرام. كما يجب الابتعاد عن تناول الدهون الحيوانية بكثرة بالنسبة للأفراد الأصحاء صغار السن.. أما المسنين وأولئك الذين يعانون من السمنة وارتفاع تركيز كولسترول و ضغط الدم فيجب عليهم عدم تناولها نهائيا واستبدالها بالزيوت النباتية الغير مشبعة. كما يجب علاج الارتفاع الشديد في كولسترول ودهون الدم بتناول العقاقير التي يصفها الطبيب المختص مع المثابرة على ممارسة الرياضة وبالذات رياضة المشي والسباحة.

2 ــ المحافظة على ضغط دم طبيعي أو أقرب إلى الطبيعي بالامتناع عن أو الإقلال من تناول ملح الطعام وعدم شرب القهوة والشاي الأحمر الثقيل بكثرة وعند الحاجة يلزم تناول الأدوية المخفظة لضغط الدم.

3 ــ ممارسة الرياضة.. على الأقل رياضة المشي .. وهي الأهم ، وكذلك السباحة والجري إن أمكن.

4 ــ إيقاف التدخين نهائيا والابتعاد بقدر الإمكان عن الأماكن التي يكثر بها المدخنون.

5 ــ ضبط سكري الدم عند المرضي الذين يعانون منه وذلك بعدم تناول السكريات إطلاقاً. ونحن نلاحظ الخطأ الذي يقع فيه مرضي داء السكري حيث يقومون بتناول السكريات ويضنون بأنهم بتناول الأنسولين أو الأقراص المخفضة لسكر الدم ستمكنون من الإبقاء علي سكر الدم منخفضا.  الحمية ضرورية.. وفي الحقيقة في بعض الحالات تنجح المحافظة على معدل سكر دم طبيعي بإتباع الحمية فقط دون اللجوء إلى العلاج.
6 ــ المصابون بمرض النقرس ( أو مرض الملوك كما يسمونه ) الذي يتسبب في آلام المفاصل وتصلب الشرايين ، يجب عليهم الإقلال من تناول الأطعمة الغنية بالبروتين.

يجب أن يتذكر الجميع بأن " المعدة بيت الداء والحمية سر الدواء ".. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق