التسميات

السبت، 8 أغسطس 2015


لما وليّ " أبا جعفر المنصور " الخلافة وحج بلغه عن ابن أبي ذئب ، ومالك ، وابن سمعان ما كدّر خاطره ، فطلبهم بغتة إلى سُرادق الخلافة بالليل ، فكان آخر من حضر هو مالك - رحمه الله - فوجد ابن أبي ذئب وابن سمعان جالسين ، فأمره أبو جعفر بالجلوس فجلس ، ثم التفت الخليفة إليهم ، فكان مما قال : " أي الرجال أنا عندكم ، أمن أئمة العدل أم من أئمة الجور ؟!! فقال مالك : أناشدك أن تعفيني من الكلام في هذا. قال: قد أعفاك أمير المؤمنين. ثم التفت إلى ابن سمعان فقال له : أي الرجال أنا عندك ؟!! فقال ابن سمعان : أنت خير الرجال ، تحج بيت الله الحرام وتجاهد العدو ، وتؤمّن السبل ، ويأمن الضعيف بك أن يأكله القوي ، وبك قوام الدين ، فأنت خير الرجال وأعدل الأئمة. ثم التفت إلى ابن أبي ذئب فسأله : أي الرجال أنا عندك ؟!! قال: أنت والله عندي شر الرجال!! استأثرت بمال الله ورسوله وسهم ذوي القربى واليتامى والمساكين ؛ وأهلكت الضعيف وأتعبت القوي وأمسكت أموالهم ، فما حجتك غداً بين يدي الله ؟!! فقال له أبو جعفر : ويحك ما تقول ، أتعقل ؟!! انظر ما أمامك!! فقال: نعم ، قد رأيت أسيافاً ، وإنما هو الموت ولا بدّ منه ؛ عاجله خير من آجله ، ثم خرجا. قال مالك : وجلست ، فقال أبو جعفر : إني لأجد رائحة الحنوط عليك. قلت: لما جاءني رسولك بالليل ظننته القتل ، فاغتسلت وتحنطت ولبست ثياب كفني ، فقال: سبحان الله!! ماكنت لأثلم الإسلام وأسعى في نقضه ، عائذا بالله مما قلت!! فانصرف إلى مصرك راشداً مهدياً. فانصرف مالك صباح غد ، وبعث الخليفة ورائهم بصُرر فيها دنانير جَمّة مع شرطي أوصاه بقطع رأس ابن أبي ذئب إن قبلها ، وبقطع رأس ابن سمعان إن لم يقبلها ، وترك مالك حُراً في الأخذ والرفض ، فأخذ ابن سمعان فسلم ، ورفض ابن أبي ذئب فسلم ، وأخذها مالك لحاجته إليها . 

ومن مواقف ابن أبي ذئب أيضا .. لما حجّ الخليفة العباسي " المهدي " ، دخل مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يبق أحدٌ إلا قام ، إلا شيخ الإسلام " ابن أبي ذئب " . فقال له المسيب بن زهير ( أمير الشرطة ) : " قم ، هذا أمير المومنين " . فقال ابن أبي ذئب : " إنما يقوم الناس لرب العالمين " فقال المهدي : " دعه ، فلقد قامت كُلُّ شعرةٍ في رأسي " .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق