التسميات

الخميس، 4 ديسمبر 2014

ما هي قصة الشيش باني ياى باني

الموضوع ليس موضوع ديني أو بدعة لديننا المتكامل بل هوا موضوع ثراتي ثقافي ::
في يوم العاشوراء تقوم الأسر الليبية كما تعودنا بطهي كميات من الفول والحمص ، لتقديمها في وجبة العشاء ، وإهداء البعض منها للجيران والأطفال ، والتصدق بالباقي للفقراء والمساكين في الحي الذي يعيشون فيه ، إحتفالاً وإحياءاً لهذه الذكرى الكريمة.
وكما جاء في كتب طرابلس من 1850-1510م لكوستانزيو برنيا -حيث سرد هذا الكاتب مذكراته التي سجلها أثناء تواجده في الأسر- أنه كان من ضمن الفقراء والمساكين الذي تتصدق لهم الأسر الليبية هم الأسرى الطليان الذين أسروا بواسطة البحارة الليبين إبان العهد العثماني والقره مانلي من 1510 إلى 1911م.
ولا زالت إلى الآن بعض الأماكن التي آوت هؤلاء الأسرى، كحمامات درغوت باشا وهي خلف الضريح الكائن بباب البحر والمستشفى الذي تم إعداده لإيواء مرضى هؤلاء الأسرى الكائن بشارع الاسبنيول بالمدينة القديمة وكذلك المقبرة التي أعدت لهم أيضاً لدفن موتاهم المعروفة بالقبة، الواقعة بباب البحر.
وكان هؤلاء الأسرى يقتادون من الحمامات التي تأويهم إلى مواقع العمل، كل صباح ومساء في صفوف منتظمة تحت الحراسة. وما أن ينتهى العمل اليومي حتى يسمح لهم باستغلال الوقت الباقي في خدمات خاصة لهم بالمدينة. وكان يسمح لهم بتقبل الصدقات من الأسر الليبية فيرقصون ويمرحون فرحين بما حظوا من رحمة وعطف.
وكان الأسرى في ملابس ممزقة وحالة يرثى لها ، وكانوا يقولون:
أتشيتشي باني! أتشتشي باني!
أتشيتشي ومعناها الحمص ، أما باني فمعناها الخبز
ويوقولن أيضاً:
تشي باني؟ ومعناها هل يوجد خبز؟
وهذا كان عاملاً رئيسياً لأن يقوم الصغار الذين عاصروا هذه المرحلة بتقليد هذا الأسير في طريقة رقصاته ومحاكاته وزيه للمرح والحصول على الفول والحمص.
فأصبح الصغار من صبيان وشباب الحي مع بداية طلوع شمس صباح كل يوم عاشوراء يتجمعون بالساحات ويجمعون ألياف أشجار النخيل والقواقع البرية -البلبوش- وثمار الرمان الصغير -الللوش- أو البلح ومن ثم يقومون باختيار من يحسن الرقص ليبدأوا بلفه بالليف من رأسه حتى قدميه ، مع وضع عمامة من الليف فوق رأسه تشبه قبعة الأسير المهملة. ويقومون بصناعة عقود من البلبوش والللوش أو البلح يعلقونها على صدره وعمامته ، بالإضافة إلى قرن أو قطعة مرآة صغيرة. مع وضع عصاة في يده ليرقص بها على إقاعات الدربوكة والدنقه مع أغاني الشيش باني التي ترددها المجموعة المشاركة أثناء سيرها عبر الأزقة والشوارع وداخل البيوت.
وكانت أغأني الشيش باني:
شيش باني يا باني .. هذا حال الشيباني
هـذا حــالـة وأحــواله .. ربي يطيّح مزاله
شيش باني يا باني .. هذا حال الشباني
هـذا حــالـة وأحــواله .. عزري واخذ هجاله
شيش باني يا باني .. غير أرقص خوذ عثيماني
شيش باني فوق حصان .. سقد يا مولى الدكان
شيش باني فوق جمل .. سقد يا مولى المحل
شيش باني بالفول .. أمه جابت بهلول
شيش باني بالقرعة .. أمه جابت ما ترعى
شيش باني باليبرة .. حلى حوشك يا تبره
شيش باني بو لحية .. حلى حوشك يا بيه
شيش باني بالللوشه .. حلى حوشك يا عروسه
شيش باني بالمشاي .. حلى حوشك يا حناي
* * *
نمله يا نمله .. يوشه * جاك الغرنوق .. يوشه
غرنوق صبيه .. يوشه * بألفين وميه .. يوشه
وعلى ركبيه .. يوشه * والضحك عليه .. يوشه
يلعب بالليمه .. يوشه * في جنان حليمه .. يوشه
يلعب بالكوره .. يوشه * في جنان عموره .. يوشه
يلعب بالقصدل .. يوشه * في جنان العسكر .. يوشه
يلعب بالصفره .. يوشه * في جنان الحفره .. يوشه
يلعب بالصره .. يوشه * في سواني طره .. يوشه
يلعب بالفوله .. يوشه * في جنان الغوله .. يوشه
* * *
درونكي يا درونكي .. فوق راسك زوز فرنكي
ادرجح يا عرجون الفل .. العاده والمقلاع نزل
العاده دايمه وادوم .. العاده ديرلها سلوم
هذا وقد يلجأ الأطفال إلى ترديد هذه الكلمات الهجائية إذا ماتعرضوا إلى صدهم من قبل أصحاب هذه البيوت بطريقة غير مقبولة.
إللّي ماتعطيش الفول .. يولي راجلها مهبول
أو بتعبير أشد:
الرحى معلقه .. والمرا مطلقه
إلا أنهم في أغلب الحالات كانوا يتحفظون على عدم التلفظ بها حرصاً على هذه العادة.
وفيما تستمر هذه الرقصات والإيقاعات المصاحبة لأغاني الشيش باني يتخلل ذلك مشهداً مسرحياً يلجأ إليه الشيش باني لإنهاء هذه الرقصات باستلقائه على الأرض مردداً:
أفيله أفيله .. ولا نموت الليله
وعندها يهرع إليه أحد الصبيان ليقول له في أذنه بصوت مرتفع:
صلي صلاتك .. والموت جاتك
وعلى اثر ذلك تتجه ربة البيت إلى داخل إحدى الحجرات لتأتي بصحن به شيء من الفول أو الحمص المشبع بالماء بينما يرددون:
امشت تجيب .. أعطيها الصحة
أما إذا ما تأخرت بعضاً من الوقت فإنهم يرددون:
امشت تجيب .. كلاها الذيب
هذا وعند إحضارها الإناء الصغير يتقدم أحدهم بسرعة إلى هذا الإناء ليأخذ منه حبة من الفول يضعها في فم الشيش باني الذي سرعان ما يقف في حركة راقصة ماسكاً بعصاته وهو يردد:
المقره المقره .. بف بف
مقلداً بعصاته وضع البندقية عند تصويبها على الهدف . فيما يتجه الأطفال جميعاً على أثر ذلك نحو السفينة وهو الممر المؤدي إلى خارج الفناء وهم يرددون:
العاده دايمة وادوم .. العاده دير لها سلوم
وبعد مشوار طويل يعودون من حيث أتوا مرددين:
يا داني داني داني .. يا داني ولي بينا
يا داني داني داني .. يا داني ليل علينا
وما إن يقتربوا من الساحة التي انطلقوا منها حتى تتهلل وجوههم وهم فرحون مسرورون يرددون:
مشينا وجينا سالمين .. بركة ربي العالمين
وتارة يرددون:
آهو وصلنا فوق حصنّة .. آهو جينا على رجلينا
ثم يفك الليف من جسد الشيش باني ويوضع في حفرة يضرم بها النار لطهي ما جمعوه من الفول والحمص لتوزيعه بالتالي على الحاضرين ممن شاركوا في هذه الرحلة الطويلة الشيقة.
...........
مفردات
...........
عزري: لم يسبق له الزواج
هجالة: مطلقة أو أرملة
عثيماني: عملة تركية
قصدل: أبو فريوه
سواني طره: وهي المنطقة التي تقع بباب العزيزية الآن.
الفرنك: عملة نقدية
المقلاع: غطاء كبير يغطى به فناء المنزل عند الأفراح
الرحى: مطحنة للحبوب
المقره: طائر
حصنّه: خيل
...........................................
Kalam Magazine - مجلة كلام
...........................................

هناك تعليق واحد:

  1. جميل جدااا تراث ليبيا ثري وسرد جميل للاحداث

    ردحذف