التسميات

الاثنين، 16 سبتمبر 2013

قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء شيخ الشهداء عمر المختار

 
‫قصيدة أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء شيخ الشهداء عمر المختار
ركزوا رفاتك في الرمال لــواء **يستنهض الوادي صــبــاح مســــــــــاء

يا ويحهم نصبــوا منارا من دم** يوحي إلى جيــل الغد البغــضـــــــــاء

ما ضر لو جعلوا العلاقة في غد **بين الشعــوب مــــــودة وإخــــــــــاء

جرح يصيح على المدى وضحية** تتلمس الحــــــــرية الحمـــــــــــــــراء

يأيها السيـف المجـــرَّد بالفلا** يكسو السيوف على الزمـــان مضــــــــاء

تلك الصحارى غمد كل مهــند** أبلى فأحسن في العـــــــدو بــــــــــلاء

وقبور موتى من شــباب أمية** وكهولهم لم يبرحــــــوا أحــيـــــــــــاء

لو لاذ بالجــوزاء منهم معقل** دخلوا على أبــــراجها الجـــــــــــوزاء

فتحوا الشمال سهـوله وجباله** وتوغلوا فاستعــــــمروا الخضــــــــراء

وبنوا حضارتهم فطاول ركنها** دار الســـــلام وجــــــلّق الشمــــــــاء

خُيّرت فاخترت المبيت على الطوى** لم تبن جاهــــا أو تلم ثـــــــــــــراء

إن البطولة أن تمـوت مـن الظما** ليس البطـولة أن تعــــب المــــــــاء

أفريقيا مـهد الأسـود ولحــدها** ضجت عليك أراجــــلا ونســـــــــــــاء

والمسلمون على اختـلاف ديارهم** لا يملكون مع المصـــــاب عــــــــــــزاء

والجاهلية مـن وراء قبــورهم** يبكون زيد الخــــــيل والفلحـــــــــاء

فــي ذِمَّــة اللـهِ الكـريمِ وحفظِـه**جَسَــدٌ (ببرْقة) وُسِّـــــدَ الصحــــــراءَ

لـم تُبْـقِ منـه رَحَـى الوقـائِع أَعظُمًا**تَبْــلَى, ولــم تُبْـقِ الرِّمـاحُ دِمـاءَ

كَرُفــاتِ نَسْــرٍ أَو بَقِيَّــةِ ضَيْغَـمٍ**باتـــا وراءَ السَّـــــافياتِ هَبـــــاءَ

بطـلُ البَـداوةِ لـم يكـن يَغْـزو على**"تَنْكٍ", ولـــم يَـكُ يـركبُ الأَجـــواءَ

لكــنْ أَخـو خَـيْلٍ حَـمَى صَهَواتِهـا**وأَدَارَ مـــن أَعرافهـــا الهيجـــــــاءَ

لَبَّــى قضـاءَ الأَرضِ أَمِس بمُهْجَـةٍ**لــم تخْــشَ إِلاَّ للســـــــماءِ قَضــــــــاءَ

وافــاهُ مَرْفــوعَ الجــبينِ كأَنــه**سُــقْراطُ جَــرَّ إِلـــى القُضـــــاةِ رِداءَ

شَــيْخٌ تَمــالَكَ سِــنَّهُ لـم ينفجـرْ**كـالطفل مـن خـوفِ العِقـابِ بُكــــــاءَ

وأَخــو أُمـورٍ عـاشَ فـي سَـرَّائها**فتغـــيَّرَتْ, فتـــــوقَّع الضَّــــــــراءَ

الأُسْـدُ تـزأَرُ فـي الحـديدِ ولـن ترى* *فـي السِّـجنِ ضِرْغامًــا بكى اسْتِــــخْذاءَ

وأَتــى الأَسـيرُ يَجُـرُّ ثِقْـلَ حَـديدِهِ**أَسَـــدٌ يُجَــرِّرُ حَيَّــــةً رَقْطـــــــــاءَ

عَضَّــتْ بسـاقَيْهِ القُيـودُ فلـم يَنُـؤْ**ومَشَــتْ بهَيْكلــه السّــــنون فنــــاءَ

تِسْـعُونَ لـو رَكِـبَتْ مَنـاكِبَ شـاهقٍ**لترجَّـــلَتْ هَضَباتُــــــه إِعيـــــــــاءَ

خَـفِيَتْ عـن القـاضي, وفات نَصِيبُها**مــن رِفْــق جُـــــنْدٍ قــــادةً نُبَــلاءَ

والسِّـنُّ تَعْصِـفُ كُـلَّ قَلْـبِ مُهَـذَّبٍ**عَــرَفَ الجُـــــدودَ, وأَدرَكَ الآبـــــــــاءَ

دفعــوا إِلـى الجـلاَّدِ أَغلَـبَ مـاجدًا**يأْسُــو الجِـــراحَ, ويُطلِــق الأُسَـــراءَ

ويُشــاطرُ الأَقــرانَ ذُخْـرَ سِـلاحِهِ**ويَصُــفُّ حَـــــوْلَ خِوانِـــه الأَعــــــداءَ

وتخــيَّروا الحــبلَ المَهيــنَ مَنيّـةً**للَّيْــثِ يلفِـــظ حَوْلَـــــهُ الحَوْبـــــاءَ

حَـرموا الممـاتَ عـلى الصَّوارِم والقَنا**مَـنْ كـان يُعْطِـي الطَّعْنَـةَ النَّجْـــلاءَ

إِنـي رأَيـتُ يَـدَ الحضـارةِ أُولِعَـتْ**بـــالحقِّ هَدْمــــا تــــارةً وبِنـــــاءَ

شـرَعَتْ حُـقوقَ النـاسِ فـي أَوطانِهم**إِلاَّ أُبــاةَ الضَّيْـــــــــمِ والضُّعَفــاءَ

يــا أَيُّهَـا الشـعبُ القـريبُ, أَسـامعٌ**فـــأَصوغَ فـي عُمَـرَ الشَّـهِيدِ رِثـاءَ؟

أَم أَلْجَـمَتْ فـاكَ الخُـطوبُ وحَـرَّمت**أُذنَيْــــكَ حـينَ تُخـــــاطِبُ الإِصْغـــــاءَ؟

ذهــب الـزعيمُ وأَنـتَ بـاقٍ خـالدٌ**فــانقُد رِجـــالَك, واخْـتَرِ الزُّعَمـــاءَ

وأَرِحْ شـيوخَكَ مـن تكـاليفِ الـوَغَى**واحْــمِلْ عــــلى فِتْيـانِـكَ الأَعْبــــاءَ‬

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق